عن التصوف

[center]كانت بداية التصوف في البصرة في بداية القرن الثاني الهجري وذلك عندما اتسعت الفتوحات وبدأت مظاهر الترف تظهر على المسلمين فقامت طائفة من العباد تدعو إلى الورع والزهد والتحذير من الانشغال بالدنيا ولكن نتيجة لدخول حضارات قديمة تحت سيطرة الدولة الإسلامية مثل الهندوس واليونان خالط التصوف شيء من عقائد وفلسفة هذه الحضارات وتحول التصوف من حركة تهتم بالسلوك والزهد إلى تيار فكري فلسفي واختلف بذلك تصوف الأوائل مثل الجنيد وإبراهيم بن ادهم عن تصوف المتأخرين مثل الحلاج وابن عربي الذي يقوم على وحدة الوجود و الحلول أي أن الله يحل في جميع مخلوقاته ولا وجود إلا لله(تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا) فالإله عندهم هو المعبود والعابد في نفس الوقت كما قال شاعرهم محمد الدمرداش:

لقد كنت دهراً قبل أن يكشف الغطا
أخالك أني ذاكر لك شاكر
فلما أضاء الليل أصبحت شاهداً
بأنك مذكور وأنك ذاكر (ص 16 القول الفريد للدمرداش ط 1348هـ)

ومن شعر ابن الفارض الصوفي:
وكل الجهات الست نحوي توجهت بما تم من نسك وحج وعمرة
لها صلواتي بالمقام، أقيمها وأشهد فيها أنها لي صلت

أي انه يدعي حلول الذات الإلهية فيه وبالتالي ما يقوم به من عبادة فمنه واليه تعالى الله عما يقول علوا كبيرا.
هذه بعض نماذج عقيدة مشايخ التصوف التي تعتبر من الأسرار التي لا يطلع عليها إلا الخواص من المريدين أما العوام ففي الغالب لا يدرون شيئا عن هذه الفلسفة وليس لهم حظ من التصوف إلا الغلو في تعظيم مشايخهم.

جريمة محمود محمد طه
هذا الرجل نشأ في بيئة صوفية ونال حظا من التعليم فلم يكتفي بتصوف العوام الذي يقوم على التقديس والتمسح والتبرك والطواف بالقبور بل أراد أن يتعمق في الجانب الفلسفي للتصوف
وكان له من الجرئة أن يعلن هذا الفكر فكان في نظر العوام زنديق أما عند مشايخة التصوف فهو خائن قام بالكشف عن أسرار عقيدتهم لذلك لم يتدخلوا في وقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضده عام 1985 في عهد النميري(الرئيس الاسبق للسودان) بالرغم من مكانتهم عند هذا الرئيس.

أشهر الطرق الصوفية :
1. التيجانية : وتنسب لأحمد بن محمد بن مختار التيجاني، ولد سنة 1150هـ/1737م بقرية بني تيجين من قرى البربر ، ومن مزاعمه أنه خاتم الأولياء فلا ولي بعده، وأنه الغوث الأكبر، وأن أرواح الأولياء منذ آدم إلى وقت ظهوره لا يأتيها الفتح والعلم الرباني إلا بواسطته، وأنه وأتباعه أول من يدخلون الجنة، وأن الله أعطاه ذكرا يسمى " صلاة الفاتح " وأن هذا الذكر يعدل القران ستة ألف مرة وأن أتباعه يدخلون الجنة بلا عذاب ولا حساب مهما عملوا من المعاصي

2. الشاذلية: وتنسب إلى أبي الحسن الهذلي الشاذلي نسبة إلى شاذلة ببلاد المغرب، قال الإمام الذهبي في ترجمته في العبر : " الشاذلي : أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي، الزاهد، شيخ الطائفة الشاذلية، سكن الإسكندرية وله عبارات في التصوف توهم، ويتكلف له في الاعتذار عنها، وعنه أخذ أبو العباس المرسي، توفي الشاذلي بصحراء عيذاب في أوائل ذي القعدة 656هـ " وتنتشر "الشاذلية" في كل من مصر وبلاد الشام، ويشتهرون بالذكر المفرد "الله، الله، الله" أو المضمر " هو هو " ولهم ورد يسمى الحزب الشاذلي.

3. السنوسية: حركة سلفية صوفية إصلاحية، تأثرت بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فاهتمت بجانب تصحيح العقائد، والاهتمام بتزكية النفس وإصلاح القلوب، أسسها الشيخ محمد بن علي السنوسي 1202هـ/1787م وانتشر خيرها وعم نورها أرجاء عديدة من العالم الإسلامي، منها ليبيا ومصر والسودان والصومال والجزائر حتى وصلت إلى أرخبيل الملايو . وهذه الحركة أو الجماعة مثال للتصوف الإسلامي الصحيح الخالي من شوائب البدع والخرافات، من أشهر رجالاتها الشهيد البطل المجاهد أسد القيروان عمر المختار
4. الختمية : طريقة صوفية أسسها محمد عثمان الميرغني المحجوب ويلقب بالختم، أي خاتم الأولياء ولد سنة 1208هـ /1793م، وأول ما ظهرت الختمية بمكة والطائف، وانتشرت منهما إلى مصر والسودان واريتريا، وتلتقي عقائدها مع كثير من عقائد فرق المتصوفة الآخرين كالغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في شيوخهم
يزعم الشيخ الميرغني السيد محمد عثمان شيخ الطريقة الختمية " أن الله كلمه وقال له أنت تذكرة لعبادي ومن أراد الوصول إلىَّ فليتخذك سبيلا وأن من أحبك وتعلق بك هو الذي خلد في رحمتي ومن أبغضك وتباعد عنك فهو الظالم المعدود له العذاب الأليم، وهذا في كتاب الطريقة الختمية بعنوان ( الهبات المقتبسة – تأليف الشريف السيد محمد عثمان ) ص 76.
وادعى أيضاً: "إن من رآني أو رأى من رآني إلى خمسة لا تمسه النار" ويزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك.